– كلما كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله متحدثاً عن معارك السلسلة الشرقية الحدودية بين لبنان وسورية كان خصومه اللبنانيون يستحضرون اسم عرسال كبلدة لبنانية أرادوا توظيف هوية سكانها لتظهيرها هدفاً لحزب الله والمقاومة بسحابات طائفية، وتحويلها بالتالي بيئة تحتضن المقاتلين الذين دخلوها ضمن خطة قديمة، ويعرف حزب الله كما يعرف خصومه أنهم منتمون لتنظيم القاعدة ولا علاقة لهم لا بالثورة ولا بالثوار، كما وصفهم وزير عدل تيار المستقبل يومها اللواء أشرف ريفي. وليس خافياً على حزب الله كما على خصومه أنّ هؤلاء «الثوار» هم أنفسهم الذين قال وزير حرب العدو موشي يعالون في الفترة ذاتها أنهم أصدقاء لـ«إسرائيل» وأنهم مؤتمنون على أمنها و«حدودها».
– لم تنفصل معركة من معارك حزب الله في سورية، وخصوصاً معركتي القصير والقلمون عن قيام جيش الاحتلال باستهداف حزب الله بضربات معلنة وواضحة تحمل رسائل التحذير من الإقدام على خيار الحسم، كما لم تنفصل مساعيه للحسم مرة عن ضجيج مرتفع داخلياً من معارضيه وخصومه الذين وقفوا يطالبونه بتسليم سلاحه في حرب تموز عام 2006، وكلّ مرة بذريعة، لكنهم دائماً كانوا يحاولون إعاقته عن الحسم ويمنعون قيام الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بعمل جدي يستهدف الجماعات التي أعلنت «إسرائيل» أنها عالجت خلال سنوات ثلاثة آلاف من جرحاها، ما يحسم أنّ الخلفية هي السعي لحماية هذه الجماعات رغم إدراك علاقتها بـ«إسرائيل» وتوفير التغطية لها تحت عناوين متعدّدة مرة تربطها بالنازحين السوريين والبعد الإنساني ومرة بالسلاح وهوية حامليه ومقابلهم هوية عرسال الطائفية والتحذير من الفتنة.
– تقترب الحرب على سورية من نهاياتها مع سقوط الرهانات الأميركية على إعاقة قوى محور المقاومة عن سقف أدنى هو حماية سورية من السقوط وسقف أعلى هو حماية سورية من التقسيم والفوضى، وصارت الخيارات الأميركية محدودة وعنوانها، إما التخلّي عن مشروع الفوضى وبلوغ لحظة خسارة كلّ شيء وبلوغ لحظة يصل فيها رجال المقاومة مع الجيش السوري إلى كلّ بقعة من الجغرافيا السورية، أو قبول العرض الروسي بتسليم الجيش السوري طوعاً مناطق سيطرة المسلحين، حيث يمكنهم ذلك تفادياً لتوسع رقعة انتشار حزب الله من جهة، وحفظاً لدور سياسي لممثلي هذه الجماعات من بوابتي أستانة وجنيف، لكن همّ واشنطن وحلفائها يبقى أمن «إسرائيل» سواء بالسعي لربط التسوية في سورية بضمانات وترتيبات تتصل بهذا الأمن، أو بفرض وقائع تتصل بحصار المقاومة.
– توقيت معركة السلسلة الشرقية الحدودية لبناني أولاً لحفظ أمن العاصمة من المفخّخات والانتحاريين. لكنها إقليمية دولية، واستراتيجية. فهي تسريع لروزنامة تستبق التفاوض وتنزع الأوراق من يد الخصوم، فلا تكون الحدود اللبنانية السورية موضوع تفاوض ولا الحدود السورية العراقية غداً، ولا يترك بعض المتربّصين والمتذاكين في لبنان يكسبون الوقت لتهيئة الظروف والتحدّث عن نشر وحدات دولية هناك، وربطها بإقامة مناطق لا مسلحين فيها تحت شعار إيواء النازحين. والأهمّ الاستعداد لما هو آتٍ في فلسطين والذي قد لا يتيح فرص التنعّم الأميركي بتسويات قد تنسفها التطورات الفلسطينية التي قد تفرض تصاعداً في التوتر يأخذ المنطقة ومعها المقاومة من بوابة القدس إلى مكان آخر.
– القضية ليست فقط وجود النصرة وداعش، بل هي قضية ما بعد ما بعد النصرة وداعش.